نبذات من حياة الصديق أبو بكر

نبذات من حياة الصديق أبو بكر

أبو بكر الصديق علم من أعلام هذه الأمة، وبطل من أبطالها، فهو صحابي جليل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، نقتبس من سيرته العطرة الدروس والعبر.

قال عمر بن الخطاب: ” لو وزن إيمانه بإيمان الأمة لرجح إيمانه “.

أسمه

هو عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب، سمّاه الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- بعبد الله بعد أن كان يسمّى بالجاهلية عبد الكعبة؛ ويلتقي نسب أبو بكر -رضي الله عنه- مع النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- في الجد السادس مرّة بن كعب .

لقبه

قال مصعب بن الزبير : ” أجمعت الأمة علي تسميته بالصديق ”
فقد كان يلقّب في الجاهلية بالصدّيق؛ وذلك لموقفه الشهير يوم الاسراء والمعراج عندما جاءه المشركون فقالوا له : ” هل لك إلى صاحبك ؟ يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت المقدس قال ” أوقال ذلك ؟ ” قالوا : نعم، فقال : ” صدق ، إني لأصدقه بأبعد من ذلك بخبر السماء غدوة وروحة ” .
وقد كان من وُجهاء قريش وأحد أشرافهم، كما كان موكّلاً بالدِيات، وكان يناديه الرسول – عليه الصلاة والسلام – بهذا اللقب لكثرة تصديقه إيّاه، فقد كان أوّل من صدّقه في حادثة الإسراء والمعراج .

ومن ألقابه أيضًا العتيق، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عندما دخل عليه أبا بكر : ” أنت عتيق الله من النار ” لذلك سمي عتيقا .

مولده

ولد بعد عام الفيل بسنتين وستة أشهر وهي السنة الثالثة من مولد الرسول – صلى الله عليه وسلم – في مكة المكرمة

نشأته

قد نشأ – رضي الله عنه – في موطن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- بمكة المكرمة في بيت والده، وكان ذا مكانةٍ في قومه كريمًا متواضعًا، كانت البيئة حوله مليئةً بالفساد، ولكنّه كان سليم الفطرة عفيفاً، لم يتأثّر ببيئة المنكرات، فكان ذو بصيرةٍ مُدركاً أن الخمر تُذهب العقل فما شربها في الجاهلية، ولم يسجد لصنمٍ قط، فقد رأى أن ذلك يخلّ بالفطرة السليمة، ولم يقتل الأولاد خوفًا من الفقر، وكان -رضي الله عنه- يتجنّب مجالس قومه ولهوهم وإثمهم، فلم يجتمع معهم إلا في الأخلاق الحميدة والفضائل.

مكانته بين قومه

قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: ” كان ابو بكر من رؤساء قريش في الجاهلية وأهل مشاورتهم، ومحببًا فيهم، واعلم لمعالمهم، فلما جاء الإسلام آثره على ما سواه، ودخل فيه أكمل دخول ”

إسلامه

كان الصّديق – رضي الله عنه – تاجراً معروفاً في قريش، ذا عقل وحكمة، مرشداً لقومه، وكان – رضي الله عنه – صديق رسول الله – عليه السلام – في طفولته وشبابه قبل الإسلام وبقي على ذلك بعده، وعندما نزل الوحي على سيدنا محمد – عليه السلام – كان الصديق أوّل من علم بذلك، فقد أخبره – عليه الصلاة والسلام – عن الوحي والإيمان بالله وتوحيده، فما كان منه – رضي الله عنه – إلا أن قال: “صدقت”، فما شهد على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كذباّ منذ طفولته، فأسلم -رضي الله عنه- خاضعاً مستسلماً لله تعالى، وكان أوّل من أسلم من الرجال.

تولّيه الخلافه

كان أبو بكر الصديق – رضي الله عنه – أوّل الخلفاء الراشدين، فقد بويع للخلافة في يوم وفاة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في السنة الحادية عشرة للهجرة، فقد اجتمع الصحابة – رضوان الله عليهم – على أحقّية خلافته، ولا تجتمع الأمة على ضلالة، وسمّي خليفة رسول الله، وقد كان الرسول – صلى الله عليه وسلم – يُقدّم الصديق إماماً للصلاة دون غيره من الصحابة؛ وذلك لفضله و مكانته في الدعوة، وقد كانت مدة خلافته سنتين وثلاث شهور، وهي مدةٌ قصيرةٌ لكنّها كانت فترة مهمة وعظيمة للدعوة ونشرها.

فضائله ومزاياه

  1. ثاني اثنين؛ يقول الله تعالى: ” ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا ” [سورة التوبة]. يقول أبو بكر في هذا الموقف: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم ونحن في الغار لو أن احدهم نظر تحت قدميه لابصرنا: فقال ” ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما ” .
  2. أول من صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم .
  3. سيد كهول اهل الجنة: عن علي ابن ابي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ” قال ” أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين ، ما خلا النبيين والمرسلين ، لاتخبرهما ياعلي ” .

إنجازات أبي بكر الصّديق

قام أبو بكر الصّديق بالكثير من الأعمال زمن خلافته، ومنها:

  1. قام بالحرب على المرتدّين، فقد شاعت الأخبار بأنّ عدداً من القبائل ارتدّت عن الدّين بعد وفاة الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، فكان لا بدّ من الحزم في هذه المسألة وعدم تركها تساهلاً، فجهز أبو بكر الجيوش لمقاتلة المرتدّين عن الدّين، وكانت معركة اليمامة من أهمّ المعارك التي قُتل فيها مسيلمة الكذّاب الذي ادّعى النبوّة بعد وفاة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
  2. جَمْع القرآن الكريم، إذْ لم يكن القرآن الكريم مجموعاً في مصحف واحد، بل كان متفرّقاً كلّ سورةٍ أو جزء منها في مجموعة أوراق، وبعد أن استشهد الكثير من الصّحابة وحفظة القرآن في حروب الرّدّة اقترح عمر بن الخطّاب – رضي الله عنه – على أبي بكر أن يُجمع القرآن بين لوحين حفظاً له فتردّد ثمّ انشرح صدره، وبدأ باختيار الصّحابة الذين سيوكّل لهم هذه المهمّة العظيمة، فاختار على رأسهم زيد بن ثابت رضي الله عنه.
  3. سيّر أبو بكر جيش أسامة، حيث كان الرّسول – صلّى الله عليه وسلّم – عقد لواء جيش أسامة قبل وفاته، وكان الجيش متوجّهاً لقتال الرّوم في الشّام، وبالرّغم من المصائب التي حلّت بالمسلمين من ارتداد بعض القبائل، وتجهيز عدداً كبيراً من الجيوش لمحاربة المرتدّين إلّا أنّ أبا بكر أصرّ على خروج جيش أسامة في المهمّة التي وضعها الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، إذ لم يشأ أن يحلّ لواءً عقده الرّسول صلّى الله عليه وسلّم.

مواقف مضيئة في حياته

  1. الموقف الاول : يقول علي بن ابي طالب ” لقد رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم واخذته قريش فجأت وهذا يتلتله ” أي يحركه ويزعزعه من مكانه ” وهم يقولون : أنت الذي جعلت الالهه إلها واحدا ؟ قال : فوالله ما دنا منا احد إلا أبو بكر ، يضرب هذا ويتلتل ويبعد هذا وهو يقول : ويلكم ” اتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ” ثم رفع عليّ بردة كانت عليه ، فبكي حتي اخضلّت لحيته.
  2. الموقف الثاني : في يوم بدر كان عبدالرحمن بن ابي بكر مع المشركين ، فلما أسلم قال لابيه لقد اهدفت لي يوم بدر أي اشرفت لي يوم بدر فانصرفت عنك ولم اقتلك فقال ابو بكر لابنه عبدالرحمن لكنك لو اهدفت لي لم انصرف عنك ” وفي هذا الموقف يتجلي إيمان أبي بكر الذي كان مستعدا لقتل ابنه في المعركه ليحقق حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم حين قال ” لايؤمن احدكم حتي أكون أحب اليه من نفسه “.
  3. الموقف الثالث : يوم وفاة النبي كان عمر يكلم الناس وينفي موت النبي – صلي الله عليه وسلم – فخرج أبا بكر وقال له: اجلس ياعمر فأبي عمر ان يجلس فقال: اجلس ياعمر فتشهد فقال: أما بعد فمن كان منكم يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، وتلي قول الله تعالي: ” وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ” [سورة آل عمران]، وكأن الناس لم يعلموا ان الله عز وجل انزل هذه الآية حتي تلاها ابو بكر، وقال عمر بن الخطاب ما هو إلا ان سمعت أبا بكر تلاها فعقرت حتي ما تقلني رجلاي وأهويت إلي الارض وعرفت حين سمعته تلاها ان رسول الله – صلي الله عليه وسلم – قد مات.
  4. إنفاقه بعد إسلامه أربعون ألفًا على الصدقات، وإعتاق العبيد من المسلمين، ودفعة لثمن بلال وهو عبد لاميه بن خلف سيد بلال واشتراه منه واعتقه.
    يقول عمر بن الخطاب: أمرنا رسول الله صلي الله عليه وسلم ان نتصدق ووافق ذلك عندي مالا فقل اليوم اسبق أبا بكر لاأني لم اسبقه يوما قال فجئت بنصف مالي فقال رسول الله – صلي الله عليه وسلم – ما ابقيت لاهلك ؟ قلت ابقيت مثله واتي ابو بكر بكل ما عنده فقال له النبي صلي الله عليه وسلم يا أبا بكر ما ابقيت لاهلك ؟ قال ابقيت لهم الله ورسوله فقلت لا اسبقه إلي شئ ابدأ “

وفاته

قالت عائشة – رضي الله عنها: كان أول بدء مرض أبي بكر أنه اغتسل يوم الاثنين لسبع خلون من جمادى الآخرة، وكان يومًا باردًا، فحم خمسة عشر يومًا لا يخرج إلى صلاة، ودخل عليه الصحابة في مرضه، فقالوا: ألا ندعو لك طبيبًا ينظر إليك ؟ فقال: قد نظر إلي، فقالوا: ما قال ؟ قال: إني فعال لما أريد.

وروى البخاري في صحيحه من حديث عائشة – رضي الله عنها – قالت: دخلت على أبي بكر – رضي الله عنه – فقال: في كم كفنتم النبي – صلى الله عليه وسلم – ؟ قالت: في ثلاثة أثواب بيض سحولية، ليس فيها قميص ولا عمامة. وقال لها: في أي يوم توفي رسول الله – صلى الله عليه وسلم؟ قالت: يوم الاثنين. قال: فأي يوم هذا؟ قالت: يوم الاثنين.قال: أرجو فيما بيني وبين الليل .فنظر إلى ثوب عليه كان يمرض فيه، به ردع من زعفران، فقال: اغسلوا ثوبي هذا، وزيدوا عليه ثوبين، فكفنوني فيها.قلت: إن هذا خلق؟ قال: إن الحي أحق بالجديد من الميت، إنما هو للمهلة.
فلم يتوفَّ حتَّى أمسى من ليلة الثلاثاء، ودفِن قبل أن يصبِح .

رضي الله عن أبي بكر، وجزاه عنا وعن الإسلام كل الخير، وجمعنا به في دار النعيم، مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا.

Previous post
طريقة عمل الطعمية بالفول
Next post
طريقة عمل الفلافل الفلسطينية

Leave a Reply