الحمد لله الأول بلا ابتداء ، والآخر بلا انتهاء وبعد ,
كثر الحديث والكلام والكتابات عن موضوع يجذب ألباب الكثيرين من الناس إليه ؛لما فيه من خروج عن المألوف وشذوذ عن المعروف وما فيه من أقوال تلاقي أهواء أصحاب الهوى ، وسبب ذلك أن الأمر لم يثبت في آي القرآن الكريم ولا في الصحيحين البخاري ومسلم – صراحة – مما فتح الميدان أمام الكتبة أن يكتبوا : الأمناء منهم والمخادعون.
المهدي المنتظر
إن موضوع المهدي المنتظر من الموضوعات التي أثارت بلبلة واضطرابا في فكر كثير من الناس ، وكثرت الأسئلة في الأمر وعليها كثرت الأجوبة الطيب منها والخبيث .
أما عن خروجه نهاية الزمان وأنه( يملأ الأرض عدلا بعد أن مُلئت ظلما) فقد ورد في السنة الصحيحة ما عدا كتابين اثنين لم يرد بهما أيَّ حديث صريح عن المهدي المنتظر هما صحيح البخاري وصحيح مسلم ؛ مما يجعل كثير من المسلمين يشكون في كثير من الروايات المروية على الألسنة والمخطوطة في المخطوطات والمنسوخة على أوراق الكتب والمتداولة على شبكات الإنترنت .
كما أن المهدي المنتظر الذي وردت به أحاديث روتها كتب الحديث ليس هو المنتظر الذي يدعي بخروجه الاثنا عشرية الشيعية والتي تقول أنه دخل سردابا وأنه ينتظر الأمر بالخروج . وقولهم أن اسمه محمد بن الحسن العسكري هو ضلال خرج من قوم الضلال وليس له أساس من الصحة عند أهل السنة والجماعة ، والردود على ذلك كثيرة في الكتب .
وكل أهل ملة ينتظرون مهديَّهم ، فاليهود لهم مهدي منتظر ، ويقولون أن يهود أصبهان سيتبعون المسيح الدجال ، والنصارى لهم مهدي منتظر وهو المسيح ، والمسلمون لهم مهدي هو من أهل بيت النبيِّ يخرج آخر الزمان اسمه كاسم النبي …
الآراء عن المهدي المنتظر
وقد تباينت الآراء في المهدي المنتظر – عند المسلمين – وجاء فيه أربعة أقوال :
أولها : أنه المسيح عيسى بن مريم .
وثانيها : أنه ولي من بني العباس .
وثالثها : أنه رجل من أهل بيت النبي يخرج أخر الزمان وقد امتلأت الأرض جورا وظلما فيملؤها عدلا وقسطا .
ورابعها : هو قول الرافضة الإمامية الاثنا عشرية من الشيعة :
أنه المهدي محمد بن الحسن العسكري من ذرية الحسين بن علي ، وهو قول طريف فيه شيء يشبه الأسطورة : أنه اختبأ في سرداب سامراء وهو طفل صغير منذ خمسمائة سنة : فلم تره عين ولم يأت عنه خبر ولم يعرفوا له أثر .
وهم ينتظرونه كل يوم بباب الغار أن يخرج فينادونه ويصيحون أن يخرج إليهم : يا مولانا اخرج فلا يخرج إليهم فيعودوا خائبين.
وقد ظهر عدد كبير من الناس يدعون أنهم هم المهدي المنتظر وانتشروا بدعواهم الباطلة على مر العصور .
أين المهدي المنتظر
أما أين المهدي المنتظر الآن ، فلا أحد يعرف ، أهو في السماء ؟ أهو على الأرض يعيش بيننا – كما يقول الشيعة- ؟ أهو في السرداب ؟ موجود الآن أم أنه مازل غائبا؟ كل هذه أسئلة يؤمن بأجوبتها ملل وطوائف ونحل .
والقول في هذا علم لا ينفع وجهل لا يضر.
والقول بأنه قد وُلد ، خرافة ليس عليها علامات ودلائل ، إنما هي من اختراعات المخترعين .ولم يرد في ذكره حديث، لا مكان مولده ولا زمانه، ولم نؤمر بالبحث عنه ولا رعايته، بل ذكرت الأحاديث الواردة في ذلك – وهي ليست في الصحيحين البخاري ومسلم – أن الله يصلحه في ليلة وأن المسلمين يبايعونه على الخلافة ويجتمعون عليه .
فمتى يحدث ذلك ؟ وأين ؟ وكيف ؟ ولماذا ؟
إن كان حقا فالحكمة لا يعلمها إلا الله .
هذا والله أعلى وأعلم
