فضل وثواب قراءة القرآن في رمضان
القرآن الكريم هو نور من رب العالمين، ورحمته سبحانه المهداة للعالمين، فقراءة القرآن عبادة، والتفكُّر في آياته عبادة، والعمل بمقتضى أحكامه واجب، وللمسلم عهد مع القرآن الكريم ينبغي أن يكون، فهو الطاقة المتجددة، والعطاء والخير الذي لا ينضب، فمن حسن برُّ المسلم بكتاب ربه، تجديد عهده معه بشكل يومي، فلا يكون له هاجراً ولا لأحكامه معطلاً، وانتظام المسلم بتلاوة القرآن الكريم بشكل يومي، يترتب عليه آثار عظيمة النفع على المسلم، نفسيَّة هي وجسديَّة، فقد وصفه الله سبحانه بأنّه شفاء لما في الصدور .
قال الله تعالى: ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ “ [سورة يونس] .
ومن حيث الثواب فقد قال صلى الله عليه وسلم: من قرأ حرفًا من كتاب الله، فله به حسنة، لا أقول: (ألم) حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف. رواه الترمذي، وغيره.
فكلّ حرفٍ نقرأه من القرآن الكريم بحسنة، والحسنة بعشرة أمثالها، والله يضاعف لمن يشاء وكيف يشاء خاصة في بعض الأوقات والأيام ذات البركات، ومن أفضل أيام العبادة والطاعة أيام وليالي رمضان.
فضل القرآن في رمضان
ونظرا لعظم مكانة شهر رمضان وفضله فإن ثواب تلاوة القرآن فى رمضان يعظم ، ففي رمضان يضاعف ثواب الأعمال الصالحة.
ففي كشاف القناع ممزوجا بمتن الإقناع وهو حنبلي: ويستحب الإكثار من قراءة القرآن في رمضان والذكر والصدقة لتضاعف الحسنات به.
وقال في المبدع: وكان مالك يترك أصحاب الحديث في شهر رمضان ويقبل على تلاوة القرآن، وكان الشافعي يقرأ ستين ختمة،
وقال إبراهيم تسبيحة في رمضان خير من ألف تسبيحة فيما سواه.
فما تلوته من القرآن في رمضان فثوابه مضاعف، فما كان من القراءة قبل رمضان لك ثوابه إن شاء الله تعالى لكن ثوابه لا يصل إلى ثواب التلاوة في رمضان.
ويستحب للمسلم أن يكثر من قراءة القرآن في رمضان ويحرص على ختمه ، لكن لا يجب ذلك عليه ، بمعنى أنه إن لم يختم القرآن فلا يأثم ، لكنه فوت على نفسه أجوراً كثيرة .
كم مرة نختم القرآن في رمضان؟
قال النووي رحمه الله معلقاً على مسألة قدر ختمات القرآن :
” والاختيار أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص ، فمن كان يظهر له بدقيق الفكر ، لطائف ومعارف ، فليقتصر على قدر يحصل له كمال فهم ما يقرؤه ، وكذا من كان مشغولا بنشر العلم ، أو غيره من مهمات الدين ، ومصالح المسلمين العامة ، فليقتصر على قدر لا يحصل بسببه إخلال بما هو مرصد له .
وإن لم يكن من هؤلاء المذكورين فليستكثر ما أمكنه من غير خروج إلى حد الملل والهذرمة ”
أفضل طريقة لقراءة وختم القرآن في رمضان
الطريقة المثلى حتّى لا ينسى عدد الصفحات التي قرأها خلال اليوم، وتكون بعدد أجزاء القرآن الكريم الذي يتكوّن من 30 جزءًا، والجزء الواحد من القرآن الكريم يتضمّن عشرين صفحةٍ، والوقت المستغرق لقراءة الصفحة الواحدة من القرآن دقيقةٌ واحدة إلى دقيقةٍ ونصف تقريبا، والوقت المستغرق لقراءة الجزء الكامل يقارب النصف ساعةٍ، وفي هذه الطريقة يمكننا أن
- نقرأ كلّ يوم جزء واحد من القرآن، وبهذا نختم القرآن في رمضان مرّةٍ واحدة.
- أو قراءة جزئين في اليوم لختم القرآن في رمضان مرّتين بحيث يتم ختم القرآن في النصف الأول من رمضان، ثمّ إتمام الختمة الثانية في النصف الثاني منه.
- أو يستطيع البعض ختم القرآن ثلاث مراتٍ ختمة كل عشرة أيام، وذلك بتخصيص ساعةٍ ونصف يومياً لقراءة ثلاثة أجزاء، وتقسيمها إلى ثلاث فتراتٍ، كلّ فترة عبارة عن نصف ساعة، يُقرأ فيها جزءًا واحدًا فقط.
- ولمن يريد أن يختم القرآن أربع مرات وذلك من خلال تخصيص ساعتين يومياً، ويمكن تقسيمهما إلى ساعةٍ في النهار، وساعةٍ في الليل، وفي كلّ ساعة يتم قراءة جزئين فقط، فيكون مجموع القراءة اليومية أربعة أجزاءٍ، وبالتالي يُختم القرآن في رمضان كلّ ثمانية أيامٍ مرةً واحدةً.
- أما من يجد لديه الوقت والجهد فيمكنه أن يختم القرآن ست مرات ذلك من خلال تخصيص ثلاث ساعات يومياً، ويمكن تقسيمها بأن تكون ساعةً قبل الفجر أو بعده، وساعةً بعد العصر، وساعةً بعد العشاء، وفي كلّ ساعة منهنّ، يُقرأ جزءين من القرآن الكريم.
ومن الممكن ألا نتمكن من قراءة الورد اليومي المحدد لنا، وهنا علينا أن نقوم بزيادة الأجزاء التي نقرأها في اليوم التالي، فعلى سبيل المثال لم نتمكن من القراءة خلال أوّل عشرة أيّام من رمضان، نقوم بقسمة عدد الأجزاء الـ (30 جزءًا) على عدد الأيّام المتبقية وهي (20 يومًا) فيكون الناتج يساوي “جزء ونصف” خلال اليوم.. وهكذا.
في النهاية، ينبغي علينا أن نضع خطّةٍ لقراءة القرآن في رمضان واستثمار الأوقات البينيّة أو المهدرة دون عملٍ، مثل وقت المكوث في المواصلات، أو انتظار موعدٍ ما، وغيرها حتى لا نضيع الأجر العظيم الذي سيكافئنا به الله تعالى حينما يرى منا العزيمة الصادقة لتلاوة آيات القرآن الكريم بحب وتدبر، كما كان يفعل نبينا وصحابته في هذا الشهر المبارك.