شهر رمضان شهر الرحمة والغفران ، الله عز وجل يفتح فيه أبواب رحمته ويقبل فيه التوبة عن عباده ؛ لذا فمن الغنائم ان نتعلم
كيف نستقبل شهر رمضان
كيف نستقبل هذا الشهر المبارك ، لا باستقباله كموسم للأطعمة والأشربة والحلويات والسهرات والبحث لفترات طويلة في دليل القنوات الفضائية لمعرفة ما نتابع وما نترك ، بل استقباله بالتوبات الصادقة فالتوبة الصادقة تمحو الذنوب وتصلح النفوس ، حيث قال تعالى : ” وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ” [سورة النور].
واستقباله بالطاعات وانتهاز الفرصة بشهر شعبان لنكثر الصيام ونعود انفسنا على صيام رمضان فقد قال الرسول – صلي الله عليه وسلم – «ذلك شهر تغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائمٌ» ولنصفي نفسوسنا من الضغينة والمشاحنة والخصومة ونتعبد إلى الله بقلب يملؤه التسامح والعفو.
فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «يَطَّلِعُ الله إِلَى جَمِيعِ خَلْقِهِ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ». وكلما زاد الشقاق بيننا ذهبت عنا الراحة النفسية ، فتجاوز عن حق نفسك واغفر للناس يغفر الله لك. نقوا قلوبكم قبل دخول رمضان ، اطرق الباب على اخوك واختك وعلى عمك وعمتك وعلى خالك وخالتك .. تنازل قليلا فجميل منك ان تجمع الناس على المحبة والمودة وجميل ان تكن اذا رآك الناس تبسموا.
ما يجب فعله فى شهر رمضان
يجب عليك ايها الأب المسلم الجلوس مع أهل بيتك من زوجة وأولاد وإخبارهم بأحكام الصيام وتشجيع الصغار على الصيام بل وتعليمهم ان الصيام لا يفرض للجوع والعطش بل فرض الصيام لنكون ملائكة بأجساد بشر .
استقبله بتجديد النوايا ، انوي الخير تكن في خير لهذا عن حديث ابي هريرة – رضي الله عنه – قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال – الله تعالى – في الحديث القدسي : ” إِذَا تَحَدَّثَ عَبْدِي بِأَنْ يَعْمَلَ حَسَنَةً ، فَأَنَا أَكْتُبُهَا لَهُ حَسَنَةً مَا لَمْ يَعْمَلْ ، فَإِذَا عَمِلَهَا ، فَأَنَا أَكْتُبُهَا بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ….”
عدد واستحضر النوايا واعلم ان في افعالك اليوميه الروتينيه ما يمكن ان تؤجر عليه اذا فعلته بنية العبادة حتى النوم يمكنك ان تؤجر عليه فكلنا ننام بغرض واحد وهو الراحة لكن هل منا من ينوي ان ينام حتى يرتاح الجسد ويقوى على الطاعة؟! ..فقد قال معاذ رضي الله عنه : ” أما أنا فأنام وأقوم فأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي ” رواه البخاري.
ادعوا الله ان يبلغنا رمضان وان يثبتنا على طاعته اطلبوا الهداية والله كفيل بها – سبحانه وتعالى – .افرحوا بقرب بلوغ هذا الشهر العظيم فإن بلوغ شهر رمضان من نِعَم الله العظيمة على العبد المسلم ؛ لأن رمضان من مواسم الخير ، الذي تفتح فيه أبواب الجنان ، وتُغلق فيه أبواب النيران ، وهو شهر القرآن ، والغزوات الفاصلة في ديننا قال الله تعالى : ” قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ” [سورة يونس] .سارعوا في إنهاء الأعمال التي قد تشغل المسلم في رمضان عن العبادات .
ولكي ندخل رمضان بنفس راضية يجب ان نقضي ما علينا ، تقول عائشة – رضي الله عنها – : ” كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إِلا فِي شَعْبَانَ ، وَذَلِكَ لِمَكَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” .وقال الحافظ ابن حجر – رحمه الله – : ” ويؤخذ من حرصها على ذلك في شعبان أنه لا يجوز تأخير القضاء حتى يدخل رمضان آخر “.
اكثروا من قراءة القرآن فقد قال سلمة بن كهيل : كان يقال شهر شعبان شهر القراء .وكان عمرو بن قيس إذا دخل شهر شعبان أغلق حانوته وتفرغ لقراءة القرآن .
وقال أبو بكر البلخي : شهر رجب شهر الزرع ، وشهر شعبان شهر سقي الزرع ، وشهر رمضان شهر حصاد الزرع .وقال – أيضاً – : مثل شهر رجب كالريح ، ومثل شعبان مثل الغيم ، ومثل رمضان مثل المطر ، ومن لم يزرع ويغرس في رجب ، ولم يسق في شعبان فكيف يريد أن يحصد في رمضان . وها قد مضى رجب فما أنت فاعل في شعبان إن كنت تريد رمضان ، هذا حال نبيك وحال سلف الأمة في هذا الشهر المبارك ، فما هو موقعك من هذه الأعمال والدرجات .
لهذا فاستعدوا استعدادا نفسيا قويا فليس لله حاجة فيمن يدع طعامه وشرابه ولم يدع قول الزور ولم يعفو ويصفح عن الناس او لم يكن هينًا لينًا ، فالعبرة ليست بالجوع والعطش ، رُب صائمٍ ليس له من الصيام الا جوعه وعطشه ، فالله فرض علينا الصيام كمدرسة للتقوى حيث قال الله – عز وجل – في كتابه الكريم ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ” [سورة البقرة]
نسأل الله العظيم نعمة ان يدركنا واياكم شهر رمضان الكريم وان ندخله بقلوبٍ أنقى من الثوب النظيف.