قال تعالى: ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا * لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ .[سورة الأحزاب]
ومن هذه الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه: أبو بكر الصديق – رضي الله عنه – فهو أول الخلفاء الراشدين الذين سلكوا مسلك النبي – صلى الله عليه وسلم – وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة،وهو خير خليفة يأتي بعد الرسل والأنبياء وأفضل أتباعهم.
فقد قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: ( أما مَثَلك يا أبا بكر في الملائكة مَثَل ميكائيل يَنزِل بالرحمة، ومثلك في الأنبياء مثل إبراهيم – عليه السلام – إذ كذَّبه قومه وصنعوا به ما صنعوا، فقال: ﴿ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ )[سورة إبراهيم]، ولذلك فمن الضروري أن نتعرف عليه – رضي الله عنه -.
من هو أبو بكر الصديق – رضي الله عنه ؟
هو عبد الله بن عثمان بن عامر القرشي التميمي نسبة إلى بني تميم بن مرة، والده يلقب بأبي قحافة ، واسم قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مُرَّة بن كعب بن لؤيٍّ بن غالب بن فِهر، أمه أم الخير بنت صخر بن عامر بنت عم أبيه، وكان اسمه في الجاهلية عبد الكعبة، فسماه رسول الله – صلى الله عليه وسلم : عبد الله .
سبب كنيته (أبو بكر)
اشتهر أبو بكر – رضي الله عنه – بهذه الكنية وكان يحبها، قال النووي في الأذكار: ” بابُ جَوازِ واستحباب اللقبِ الذي يُحبُّه صاحبُه؛ فمن ذلك أبو بكر الصديق رضي الله عنه، اسمه عبد الله بن عثمان …” ، ولا يوجد سبب لهذه الكنية فليس لأبي بكر ابن اسمه بكر.
ذلك لأنه لا يلزم أن تكون الكنية بأحد أولاد المكني ، وإن كان ذلك من العادة ان يكنى الرجل بأكبر أولاده ، فقد قال ابن القيم في تحفة المودود: وَيجوز تكنية الرجل الَّذِي لَهُ أَوْلَاد بِغَيْر أَوْلَاده، وَلم يكن لأبي بكر ابْن اسْمه بكر، وَلَا لعمر ابْن اسْمه حَفْص، وَلَا لأبي ذَر ابْن الْمُنْذر ابْن اسْمه ذَر، وَلَا لخَالِد ابْن اسْمه سُلَيْمَان، وَكَانَ يكنى أَبَا سُلَيْمَان، وَكَذَلِكَ أَبُو سَلمَة، وَهُوَ أَكثر من أَن يُحْصى فَلَا يلْزم من جَوَاز التكنية أَن يكون لَهُ ولد وَلَا أَن يكنى باسم ذَلِك الْوَلَد.
نسبه
يَجتمع نسب أبو بكر الصديق مع نسب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في مُرَّة بن كعب وهو الجد السابع للنبي صلى الله عليه وسلم، وبين رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وبين مُرَّة ستة آباء، وكذلك أبو بكر الصديق بينه وبين مُرَّة ستة آباء، فهو يُعتبر في النَّسب مثل رسول الله – صلى الله عليه وسلم .
أولاده
صفته
قال السيوطي في تاريخ الخلفاء، في صفة أبي بكر: أخرج ابن سعد، عن عائشة – رضي الله عنها – أن رجلا قال لها: صفي لنا أبا بكر. فقالت: رجل أبيض، نحيف، خفيف العارضين، أجنأ، لا يستمسك إزاره، يسترخي عن حقويه، معروق الوجه، غائر العينين، ناتئ الجبهة، عاري الأشاجع. هذه صفته.
خصائصه
هناك خصائص في أبي بكر رضي الله عنه ميزه الرسول صلى الله عليه وسلم بها عن غيره ومن هذه الخصائص:
- قول الرسول – صلى الله عليه وسلم -: ( لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً ). رواه البخاري ومسلم.
- وقال صلى الله عليه وسلم: ( لا يبقين في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر ). متفق عليه.
- وقال صلى الله عليه وسلم: ( إن أمنَّ الناس علي في صحبته وذات يده أبو بكر ). رواه البخاري ومسلم.
” ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ” [سورة الجمعة]. كل هذه الخصال الحميدة فضل من الله – سبحانه وتعالى – ونعمة يميز بها من يُرضيه ويُرضي رسوله الكريم – صلى الله عليه وسلم -، فاللهم ارزقنا حبك وحبَّ من أحبك ، ولا توفَّنا إلا وأنت راضٍ عنا، يا أرحم الراحمين.