ما الجنابة :
الجنابة من المجانبة و هي ضد القرب وسُمَيَت كذلك لأن صاحبها يتجنَّب الصلاة والمسجد والقرآن حتى يَطهُر .
ما حكم صيام الجُنُب؟
أجمع أصحاب المذاهب الفقهية الأربع على أنه يجوز للجُنُب الصوم ، مستندين في فتواهم على ما جاء في القرآن والسُّنَّة مما يلي :
1ـ جاء في سورة البقرة : قوله – تعالى- ” فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّـهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ” . (187)
فعطف الأفعال الأربع باشروهن وابتغوا وكلوا واشربوا يدل على اشتراكها في الحكم ، وهذا يدل على جواز أن يكون المسلم جُنُبا حتى طلوع الفجر ؛ وعليه يجوز أن يدخل في الصيام و يجب عليه الاغتسال لصلاة الفجر قبل الشروق .
2ـ أخرج الإمام البخاريّ – رحمه الله – في صحيحه أن أم المؤمنين عائشة و أم المؤمنين أمّ سلمة – رضي الله عنهما – رَوَتَا : ” أنَّ رَسولَ اللَّهِ – صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ – كانَ يُدْرِكُهُ الفَجْرُ وهو جُنُبٌ مِن أهْلِهِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ، ويَصُومُ ”
3ـ أخرج الإمام مُسلم – رحمه الله – في صحيحه أنّ أمّ المؤمنين أم سلمة – رضي الله عنها- قالت : ” كانَ رَسولُ اللهِ – صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ – يُصْبِحُ جُنُبًا مِن جِمَاعٍ، لا مِن حُلُمٍ، ثُمَّ لا يُفْطِرُ وَلَا يَقْضِي”
وعلى ما سبق نقول أن الطهارة من الجنابة ليست شرطا لصحة الصيام ، ويجوز تأخير الاغتسال حتى طلوع الفجر .
ويشبه المسألة السابقة حكم الحائض التي انقطع حيضُها قبل الفجر، و لم تغتسل من الحيض ، يجوز لها أن تنوي الصيام وتصوم ثم تغتسل بعد طلوع الفجر .
أما إذا كانت الجنابة بسبب الجِماع في نهار رمضان فسد الصيام و وجب القضاء والكفارة .
أما إذا نتجت الجنابة بسبب النظر أو التفكير ، فلا تفسد الصيام عند الجمهور لقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ” إنَّ اللَّهَ تَجاوَزَ لِأُمَّتي عَمَّا وسْوَسَتْ، أوْ حَدَّثَتْ به أنْفُسَها، ما لَمْ تَعْمَلْ به أوْ تَكَلَّمْ” وأفتى المالكيّة بوجوب القضاء والكفّارة في هذا الأمر .
وبالرغم من صحة صيام الجُنُب إلا أنه يحرم عليه أمور مثل :
1ـ الطواف حول الكعبة .
2ـ الصلاة .
3ـ الاعتكاف في المسجد ؛ لقول الله – سبحانه وتعالى – في سورة النِّساء : “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا ” .(43)
4ـ قراءة القرآن بالقول أو بلغة الإشارة . إلا إذا كان للدعاء أو الثناء أو الاستعاذة أوالتعليم وأجاز العلماء قراءة الفاتحة وأية الكرسي و سورة الإخلاص بقصد الذكر .
ما يباح للجُنُب :
ليست كل العبادات محرمة على الجُنب ، ولكن يباح له : الدعاء وذكر الله والتسبيح والتحميد والتهليل ؛ فقد روى الإمام مسلم – رحمه الله – في صحيحه أنَّ أمّ المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – قالت: “كانَ النبيُّ – صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ – يَذْكُرُ اللَّهَ علَى كُلِّ أحْيَانِهِ ”
والله أعلى وأعلم ،،،